من يتحكم بحياتنا؟ ما الأسرار التي تخفيها الحكومات عنا؟ هل تتلاعب بنا حقا "دولة عميقة"؟ في الظاهر ما ينفي ذلك. عندما ننتخب الحكومات الديمقراطية، هل تساءلت يومًا لماذا لا تبدو قادرة على التغيير كثيرا؟ مهما كان من نصوت له تظل الغلبة للمصالح الخاصة. بمرور الأزمان شكّلت جماعات المصالح الخاصة، غير المقيدة بالمعايير القانونية أو الرأي العام دولا داخل الدولة للمضي قدماً بخططها الخاصة. إن تلك الدول العميقة غير الخاضعة . للمساءلة والجبارة غيرت مجرى التاريخ. في هذا الكتاب المُدهش، يكشف إيان فيتزجيرالد عن جذور الدولة السرية وطرائق عملها بدءاً من النخب الأوليغارشية في اليونان القديمة والحرس الإمبراطوري في روما القديمة، يأخذنا في رحلة مذهلة نلتقي فيها تجار المخدرات في كولومبيا والمكسيك، وسماسرة السلطة في الديمقراطيات الغربية ومجمعات الصناعة العسكرية في الشرق الأوسط وباكستان وكوريا الشمالية كتاب الدولة العميقة كاشف وغني بالمعلومات، ويضع بين يدي القارئ توطئة تسلط الضوء على القوى الخفية اللئيمة التي تحكم العالم.

حاولنا في فصول كتابنا الثلاثة والعشرين تحليل طبيعة المجتمع العراقي من الناحية الديموغرافية ليس بصفة متخصصين في هذا المجال بل بمقدار ما له علاقة في بناء الجيش. اهتمت الفصول الأربعة الأولى بأوضاع الجيش في المرحلة الملكية، وتأثير البريطانيين بمصالحهم في الهيكل العام للجيش، وما ولدته احداث نيسان العام ١٩٤١ من تأثيرات مدمرة على بنائه في المراحل اللاحقة في الفصلين الخامس والسادس جرت متابعة التطورات التي رافقت الجمهورية الأولى، والمتغيرات في ظلّ جمهورية البعث الأولى، ومِنْ ثَمَّ في أثناء حكم الاخوين عارف، وأوضاع ما بعد عودة البعث بجمهوريته الثانية، وتأثيرها في تكوين الجيش. في حين ركزنا في الفصول السابع والثامن والتاسع والعاشر على مغامرات البعث وانعكاساتها على بنية الجيش في الفصلين الحادي عشر والثاني عشر تناولنا بناء الجيش الجديد الذي شوهته المحاصصة. الفصول من الثالث عشر إلى الحادي والعشرين كانت سرداً تفصيلياً لتأثيرات الإرهاب في بناء الجيش، ودور التنوع الديموغرافي في تغيير خارطة الولاء داخل المؤسسة العسكرية، وما لسقوط الموصل من تداعيات. في الفصل ما قبل الأخير حاولنا إضاءة دور الاكراد في تاريخ الجيش بمرحلتيه الأولى والثانية. في الفصل الأخير تناولنا قانون التجنيد الإجباري وأثره في بناء الجيش العراقي. ختاماً هذا الكتاب هو محاولة أولى لقراءة صفحات الجيش العراقي بعيداً عن سر البطولات، أو المأثر، أو الإخفاقات. سرد السبعة والثلاثون عاماً التي قضيتها جندياً في الجيش العراقي، وأثقلت حياتي بالهموم، قد تكون وراء الجرح الذي أصاب حياديتي في تناول موضوعات هذا الكتاب.

ان التطورات في الشرق الوسط جامحة الى درجة أنها تسبب الدوار لدى اكثر المراقبين والمختصين خبرة، وتضعهم أمام طريق مسدود. ومن وجهة نظرنا، ان المقالات التي يتضمنها الكتاب ستساعد القارئ على فهم، لماذا ما زالت التغيرات المضطربة الحالية والتحولات المؤلمة في الشرق الأوسط، بعيدة عن نهايتها، ولماذا هناك احتمالات بحدوث هزات جديدة. ان المقالات المعروضة على القارئ المكرسة لكبار الساسة، زعماء دول المنطقة الذين أثروا بصورة استثنائية على سير التطورات تشكل اضافة نوعيى الى دارسات المستشرقين الروس لمنطقة الشرق الاوسط والتطورات السياسية والثقافية فيها. تصادمت في غضون العقود الأخيرة في الشرقين الاوسط والأدني مصالح الدول الكبرى وشعوب المنطقة، التي واجهت محاولات إبقاؤها في محور النفوذ الأجنبي، وجرت بشكل مؤلم إقامة الدول الفتية المستقلة، والتنافس بين النخب القديمة والجديدة، والجماعات الأثنية والدينية وتفاقم التنافس لاسيما بسبب تركز جزء هائل من احتیاط النفط والغاز العالمي، ناهيك عن موقعه الجغرافي الفريد. ان الشرق الاوسط منطقة تقاطع الطرق تلاقت فيها ثلاث قارات : أوربا وآسيا وأفريقيا.